إن الأحزان، الضيقات، المُفشلات، الخسائر وانكسار القلب، إنما كلها أمور معهودة في الحياة. غير أنه يجدر بنا أن نتأمل موقف هؤلاء الثلاثة: عالي، داود، أيوب:
عالي: عندما عرف نية الله بقتل ابنيه لشرهما، قال في تسليم هادئ: «هُوَ الرَّبُّ. مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ يَعْمَلُ» ( 1صم 3: 18 ).
أما داود فقد تمرّد عليه ابنه أبشالوم، وحاول أن يسلبه المملكة، غير أن داود أعلن: «الرَّبّ ... لْيَفْعَلْ بِي حَسَبَمَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ» ( 2صم 15: 25 ، 26).
وبالنسبة لأيوب فقد فَقَد كل شيء، ولكنه استطاع أن يقول: «أَالْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟» ( أي 2: 10 ).
إننا عادة في وسط الضيقات والتجارب نتخذ موقفًا من اثنين، إما صحيحًا أو خاطئًا. ولنحذر، فالموقف الخاطئ ضار جدًا بصحتنا الروحية، ونمونا. أما الموقف الصحيح، فيزيد جدًا من غنى نفوسنا ونمونا الروحي.
وما هو الموقف الخاطئ؟ إنه المقاومة والتمرُّد على الله والناس، إنه النواح ورثاء النفس، إنه المرارة والاكتئاب والقلق، ولكي يتعايش الإنسان مع نتائج هذا الموقف، يضطر إلى الالتجاء إلى المنومات والمهدئات ومثبطات الألم.
أما الموقف الصحيح، فهو الإذعان والخضوع الإرادي، هو التسليم والثقة الكاملة في الله، هو الانحناء أمام حكمته وعنايته. أن أنحني أمام إرادة الله المهيمنة، هو أمرٌ يختلف تمامًا عن الانحناء الإجباري أمام القَدَر المحتوم.
الموقف الصحيح، هو الثقة في ذلك الشخص، الذي هو أحكم من أن يخطئ، وأحسن من أن يُبكي ابنه بلا داعٍ، وأبرّ من أن يضر. إن الحقيقة بأن الله لا يريد إلا خيري، إنما تملأ قلبي فرحًا وسلامًا وتعزية.