في شريعة مدن الملجأ لنا صورة تبشيرية رائعة. وبدايةً نلاحظ أن الرب في رحمته لم يحدد مدينة واحدة كمدينة ملجأ، بل ست مدن، ثلاثًا منها في شرق الأردن، وثلاثًا في عبر الأردن، بحيث كانت المسافة بين أي نقطة في الأرض إلى مدينة الملجأ القربى، لا تزيد عن سفر يوم واحد. وما كان على الهارب أن يعبر حاجزًا مائيًا، إذ كانت هناك ثلاث مدن على كل جانب من جانبي الأردن، وكل ذلك كان يصب في صالح وصول القاتل في أسرع وقت إلى مدينة الملجأ، فالتأخير في وصول القاتل سهوًا إلى مدينة الملجأ قد يُكلفه حياته.
وبحسب التقليد اليهودي كانت الطرق إلى مدن الملجأ يتم إصلاحها سنويًا، لتكون خالية من الحفر أو المرتفعات أو العراقيب ( تث 19: 3 ). وهكذا اليوم في نور العهد الجديد يريد الرب من خدامه أن يجعلوا الطريق إلى المسيح المخلص سهلاً وميسورًا. لما قال اللص الجاني المصلوب إلى جوار المسيح: «اذْكُرْنِي يَارَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ»، لم يقل له المسيح: إن سجلك في الإجرام كبير، وليس بهذه السهولة يمكنك أن تخلص، بل قال له: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ» ( لو 23: 43 ). ولما وَجَّه سجان فيلبي سؤاله إلى الرسول بولس: «مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ أَفْعَلَ لِكَيْ أَخْلُصَ؟»، لم يقل له الرسول بولس: إن هذا أمر معقد ولا يمكنني في عبارة واحدة أن ألخص لك المسألة، بل قال له: «آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ» ( أع 16: 31 ).