تُقدِّم رسالة تيطس لنا “الله المُخلِّص”، وفي عمل الخلاص نرى يسوع المسيح لا ينفصل أبدًا عن الله نفسه، بل يبقى دائمًا في اتحاد إلهي كامل معه. وفي تيطس 2: 11 تظهر لنا نعمة الله المُخلِّصَة. والنعمة ليست هي رحمة الله، بل إنها المحبة متصاغرة ومتواضعة ومتنازلة إلى الخطاة الهالكين، لإنقاذهم وخلاصهم. إن النعمة التي ظهرت هنا في شخص المسيح، كما نقرأ «وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا»، شخص مكتوب عنه “مَمْلُوءًا نِعْمَةً” ( يو 1: 14 ).
لقد ظهرت النعمة بشكل يستطيع كل إنسان أن يراها ويقبلها. إنها لم تظهر لكي تطلب شيئًا من الإنسان، ولكن لكي تحمل إليه شيئًا لا تُقدَّر قيمته: الخلاص. والذي يُعطي النعمة هذه القيمة هو أنها نعمة الله، فهي لذلك مُطلقة وكاملة. فأي نعمة دون نعمة الله هي ناقصة ووقتية. أما نعمة الله فكاملة لأنه هو كامل، وأبدية لأنه هو أبدي. إن نعمة الله تُقدِّم الخلاص، إنها لا تطلب شيئًا من الإنسان، ولا تفرض عليه شيئًا لكي تُخلِّصه كما يفعل الناموس. إنها تعطيه دون أن تطلب منه شيئًا. وماذا تُعطيه؟ تُعطيه “الخلاص”، أسمى وأعظم العطايا؛ “الخلاص العظيم” ( عب 2: 3 )، وذلك دون أي مقابل من جانب الإنسان.
ونرى هنا أيضًا أن النعمة مُطلقة، ولا يُقال عنها أنها ستُخلّص في المستقبل، ولا حتى خلّصت في الماضي، بل نراها مُخلّصة، وهذا يجعل الخلاص تامًا كاملاً أكيدًا مُحققًا ثابتًا، لا يُمكن أن يتغير أو يُسحب، بل هو خلاص يشمل الماضي والحاضر والمستقبل.
ثم إن هذه النعمة “ظَهَرَتْ لِجَمِيعِ النَّاسِ”؛ فهي ليست قاصرة على شخص دون سواه، أو على جنس دون آخر، فنطاقها واسع جدًا، يتناول العالم كله، ولا يمكن لشخص أن يستثني نفسه من نطاقها. فهل قبلت تلك النعمة المجانية الغنية التي وصلت إليك؟