إن الرسول بولس، إذ يُنادي المؤمنين لكي يستيقظوا، يُريدهم أن يتنبهوا لامتيازاتهم. والرسول يُجمِل هذه الامتيازات في عبارة واحدة إذ يقول: «بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ» ( أف 1: 3 )، ثم بعد ذلك يذكرها بالتفصيل، فيذكر اختيارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة، وأن الله سبق فعيَّننا للتَّبنِّي بيسوع المسيح، وأنه أنعم علينا في المحبوب، ويذكر فداءنا، وغفران خطايانا، ونوالنا نصيبًا في المسيح، وَخَتْمِنا بالروح، وإقامتنا مع المسيح، وصيرورتنا قريبين بدمه، وأننا أصبحنا رعية مع القديسين وأهل بيت الله. إلى كل هذا تُضاف الخِدَم الثمينة اللازمة لنمو وبنيان وتكميل القديسين. هذه هي الامتيازات التي لأجلها جاء النداء، ولا يزال يجيء «اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ وَقُمْ». قُمْ من سبات عدم المبالاة، وعدم التمتع بهذه البركات الكثيرة التي بُورِكْتَ بها.
وحيث أن الامتيازات تتبعها المسؤوليات، لهذا يُجمِل الرسول هذه المسؤوليات أيضًا في عبارة واحدة عجيبة، فيقول: «تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ الَّتِي دُعِيتُمْ بِهَا» ( أف 4: 1 ). وكما في حالة الامتيازات، هكذا هنا نجد الرسول يذكر المسؤوليات بأكثر تفصيل، فيُحرّضهم على التواضع والوداعة وطول الأناة والاحتمال والمحبة والاجتهاد والصدق والسخاء واللطف والشفقة والتسامح، وبالاختصار، يُحرّضهم على أن يتمثلوا بالله كأولاد أحباء، وأن يسلكوا كأولاد نور في كل صلاح وبر وحق.
فالنداء هو، لكي يستيقظوا لامتيازاتهم المُعطاة لهم مجانًا بالنعمة من الله، ولكي يواجهوا المسؤوليات الناشئة عن هذه الامتيازات. ثم يوجه الرسول الالتفات إلى الاستيقاظ للفرص، فيقول: «مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ»، أو بمعنى آخر“مُشترين كل فرصة لخدمة مَن تنازل في محبته وأنعم عليهم بكل هذه الامتيازات”.