الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 26 أكتوبر 2023 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
مصاهرة العالم
"جَاءَ الْمَلاَكَانِ إِلَى سَدُومَ مَسَاءً، وَكَانَ لُوطٌ جَالِسًا فِي بَابِ سَدُومَ" ( تكوين 19: 1 )
ما أشد المباينة بين زيارة الرب ومعه الملاكين لإبراهيم، وزيارة الملاكين للوط في سدوم. الأولى تمت وقت حر النهار، والثانية تمت عند المساء. في الأولى لم يتردد الرب عن قبول الدعوة، وفي الثانية تردد الملاكان كثيرًا في قبول الدعوة. في الزيارة الأولى كل من في بيت إبراهيم شارك بفرح في إعداد الوليمة، وفي الثانية لا نقرأ سوى عن لوط، هو الذي خبز الفطير للملاكين!

لم يكن القصد من زيارة الملاكين لبيت لوط أن يستمتعا بالشركة معه، فكيف يمكنهما أن يكونا في شركة مع مؤمن هذا وضعه؟ إنهما دخلا بيته فقط ليحمياه ويُنقذاه. ولوط نفسه لم يكن مستريحًا في تلك المدينة الفاسدة. من الخارج كانت للمدينة جاذبية، لكن ما كان يجري في الداخل، آلمه بشدة. ليتنا لا نغترّ بمظهر العالم الخارجي الخادع، بل انظر إلى ما يخفيه تحته. ليس سوى الله يعرف القلوب، واهتم الوحي بأن يخبرنا بأن لوطًا كان بارًا، وأنه لم يشترك مع أهل سدوم في شرهم، بل على العكس، كان كل ما يصل إلى ناظريه وإلى سمعه كان يسبب له العذاب ( 2بط 2: 7 ، 8). وشرّ رجال سدوم الرهيب والمعيب لم يحاول هؤلاء الأشرار أن يخفوه، بل أظهروه ضدَّ الملاكين نفسيهما (ع5، 11).

لم يؤخذ كلام لوط حتَّى من أصهاره مأخذ الجد. عندما يسير المؤمن فترة مع العالم، لا يعود صالحًا أن يُكلِّم العالميِّين عن الدينونة، لأنَّهم سوف لا يصغون إليه.

كانت نجاة لوط نتيجة استجابة صلاة إبراهيم (تك18).

وللأسف، كان قلب لوط متعلِّقًا بما سيتركه خلفه، لذلك توانى، فاضطر الملاكان أن يُمسكا بيده وبيد امرأته، وبيد ابنتيه ويُخرجاهم بالقوة. لنسأل أنفسنا هذا السؤال: إذا كان علينا أن نترك العالم اليوم، هل نفعل ذلك بسرور؟ أم نكون مثل لوط، أو مثل زوجته التي دانها الله، إذ نشعر بأسف على ترك أشياء معيَّنة تعلَّقت بها قلوبنا؟

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net