عام 2002 كنت في جاكرتا للخدمة في مؤتمر لدراسة الكتاب المقدس. وفي الليلة الأولى، ذهبتُ باكرًا إلى مقر الكنيسة المُضيفة، وعرض عليَّ أحد رعاة الكنيسة أن أصحبه في جولة في أجزاء المبنى. وقد ترك لديَّ جمال المبنى انطباعًا إيجابيًا عميقًا.
ثم اصطحبني الخادم إلى قاعة الاجتماع السفلى، وكان في مُقدّمة القاعة منبر وطاولة للاشتراك في عشاء الرب، وراءها جدار إسمنتيّ مُسطح، تُرك بغير طلاء، رغم أن عليه آثار حريق قديم. ومُعلَّق على هذا الحائط صليب خشبيّ، وتحت الصليب كلمات باللغة الإندونيسية. ولما سألته عما هو مكتوب، فاجأني باقتباس كلام الرب يسوع المسيح على الصليب: "يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ".
وسألته هل الآية مكتوبة لسبب خاصّ، فقال إنه قبل بضع سنين حصل في المدينة شغب إرهابي خطير، حتى إنه في يومٍ واحدٍ أُحرقت إحدى وعشرون كنيسة إحراقًا سوَّاها بالأرض، وكان ذلك الجدار كلَّ ما بقي من مبناهم السابق، وهو أوَّل مبنى كنسي تمَّ إضرام النار فيه. وهكذا شكَّل الجدار والآية تذكيرًا بالغفران والحنِّو الذي أبداه المسيح على الصليب، وغدت تلك رسالة الكنيسة إلى أهل المدينة. فالانتقام والمرارة لن يكونا البتَّة استجابة شافية لحقد العالم الهالك وسخطه. غير أن غفران المسيح وحنُّوه هو الردُّ الشافي، تمامًا كما كان منذ ألفي سنة!
عزيزي: ما أحوجنا إلى غفران المسيح وحنُّوه لشفاء أنفسنا من المرارة والرغبة في الانتقام، ولشفاء جراح الآخرين وقساوة قلوبهم!