فالطريق يُشير إلى حالة قلوب بعض السامعين. إنها نوعية من الناس لا يكترثون كثيرًا بما يسمعونه، إنهم مُصابون بحالة من الاستخفاف وعدم الاستعداد لقبول الكلمة، وهذا ما يجعل الشيطان يُبادر، وبكل سهولة "يَخْطَفُ مَا قَدْ زُرِعَ فِي قَلْبِهِ" ( مت 13: 19 )!
فرغم أن الكلمة وصلت إلى القلب، إذ إن كلمة الله تناسب حاجة قلب الإنسان بغض النظر إن كان يقبلها أو لا يقبلها، لكن لأنهم عديمو الانتباه وغير مُبالين، سرعان ما يخطف الشيطان ما زُرع على سطح القلب ولم ينغرس فيه. وما أكثر النفوس التي يهيئ لها الله فرصة تلو فرصة، فيها يسمعون كلمة الله المُخلِّصة ( يع 1: 18 )، والمطهِّرة ( أف 5: 26 )، لكنهم بكل أسف يسمحون للشيطان أن ينزع الكلمة، إذ هم أصلاً غير جادين لاستقبالها!
أَوَليس هذا ما حدث مع فيلكس، إذ تكلَّم بولس إليه بكلام الله، ولكنه بكل أسف لم يستجب لها: "وَبَيْنَمَا كَانَ (بولس) يَتَكَلَّمُ عَنِ الْبِرِّ وَالتَّعَفُّفِ وَالدَّيْنُونَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَكُونَ، ارْتَعَبَ فِيلِكْسُ، وَأَجَابَ: أَمَّا الآنَ فَاذْهَبْ، وَمَتَى حَصَلْتُ عَلَى وَقْتٍ أَسْتَدْعِيكَ" ( أع 24: 25 ). لقد وقعت الكلمة الصالحة على قلبه الفاسد، وتأثر بها في البداية، حتى إنه ارتعب، لكنه لم يكن مستعدًا أن يتجاوب معها، ولجأ إلى المُماطلة، فضاعت منه الفرصة، وإلى الأبد! ولا عَجَب أن نجده بعد ذلك يدعو الرسول بولس مرارًا كثيرة، ويتكلم معه ( أع 24: 26 )، ولكننا لا نقرأ قط أنه ارتعب كالمرة الأولى، أو تجاوب مع الكلمة بأية صورة كانت. لقد كان قلبه كالطريق، إذ استقبل كلمة الله، ولكنها لم تجد مكانًا تستقر فيه، فخطفها الشيطان من قلبه بكل سهولة!