تعطي لنا رسالة يهوذا صورة موجزة للأيام الأخيرة، وتقدِّم لنا في الوقت نفسه تشجيعًا إلهيًا لنا نحن الذين وقعت قرعتنا في هذه الأزمنة الصعبة. يقول يهوذا: "وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ فَابْنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى إِيمَانِكُمُ الأَقْدَسِ". إذًا فلا يتملكنا اليأس، ولا تفشلنا صور الشر التي نراها. فإن الوحي قد أطلعنا عليها حتى لا نُخدع، والروح القدس يهيب بالقديسين أن يبنوا أنفسهم على إيمانهم الأقدس. وما أبدعه نداء! فإن البركة مخزونة للمؤمنين وهم مدعوون لممارسة إيمان أكثر. فليس المقصود أن نُعَرِّف الآخرين بإيماننا، بل نبني أنفسنا عليه.
ثم يقول: "مُصَلِّينَ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ". طوبى لمَن تكون صلاته هكذا، فكل كلمة منها لتُعبِّر تمام التعبير عما يقصده الله، وعما يحتاجه المصلي، لأجل نفسه ولأجل إخوته. إننا مدعوون أن نصلي كل حين، ونصلي بلا انقطاع، ونصلي لأجل كل شيء، فليتنا ننتبه لهذا ولنعلم أن الحياة القليلة الصلاة، هي الحياة القليلة الثمر والفرح.
ثم يقول لنا: "وَاحْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ فِي مَحَبَّةِ اللهِ". فبناء النفس على الإيمان الأقدس، والصلاة في الروح القدس، يقوداننا إلى حفظ أنفسنا في منطقة محبة الله. وهل هناك ما هو أفضل من محبة الله لنحفظ فيها أنفسنا؟
وأخيرًا، يقول لنا: "مُنْتَظِرِينَ رَحْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ". وقد ذُكرت الرحمة هنا نظرًا لشدة الاحتياج إليها، بالنظر للضيق والضعف، ولكل ما من شأنه أن يميل بنا للإنحناء وصِغَر النفس. فنحن مدعوون أن ننتظر رحمة ربنا يسوع التي تلازمنا طول الطريق حتى النهاية "لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ"؛ التي هي الهدف الأخير لإيماننا.
فليباركنا الرب لكي تتشدد قلوبنا بكلمته وبقوة روحه وثبات محبته وكامل رحمته إلى أن يأتي إلينا ونستريح من صورة الشر ومن قوته.